البعد الديني في احتلال العراق
مثنى العبيدي
يعد احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة متغيرا ذا أهمية كبيرة بالنسبة لمختلف الأطراف الإقليمية بشكل خاص والدولية بشكل عام . حيث تتمثل في هذه الحرب أبعادا عديدة منها الاقتصادية والعسكرية والأمنية والإستراتيجية ويعتبر البعد الديني احد هذه الأبعاد وله أهمية وتأثير في تحريك السياسة الخارجية الأمريكية خصوصا في تعاملها مع العراق، والتي تمكنت من خلالها تدمير قوة العراق العسكرية. ويمكن تقسيم هذا البعد إلى ثلاثة أقسام رئيسة:
1- العقيدة البروتستانتية المتطرفة التي تعتقد أنها تقاتل باسم الرب لنشر الخير ودحر الشر تمهيدا لمعركة هرمجدون(معركة مصيرية في آخر الزمان بين اليهود والمسلمين تؤمن بها الديانات الثلاث الرئيسية وتقع في منطقة هرمجدون أو مجدو بفلسطين).
2- الارتباط ما بين العقيدة البروتستانتية والصهيونية، اللتان تؤمنان بولادة السفاح الذي تقوم على يديه إسرائيل الكبرى وتهجير اليهود إليها تمهيدا لعودة يسوع المخلص.
3- الرغبة في الحفاظ على المصالح الأمريكية وأهمها امن( إسرائيل الكبرى)، ودحر ما أسموه بالشر (الأصولية الإسلامية) .
ويمكن تلمس هذه الأقسام من خلال ما حضت به الحرب الأمريكية على العراق من تأييد شعبي وبشكل خاص من قبل معتنقي الكنائس البروتستانتية والكاثوليكية. والتي تشكل القطاع الأوسع من المجتمع الأمريكي . حيث يمكن تأكيد هذا الأمر من خلال خطب الزعماء الدينيون والسياسيون الأمريكان حول شن الحرب على العراق . يقول بوش الابن
إن الحرب على العراق مهمة إلهية، نقوم بها من اجل عالم أفضل)، ويقول ( سوف استغل الفرصة لتحقيق أهداف كبرى ولاشيء أهم من تحقيق السلام العالمي والحربي على العراق أمر أساسي في هذا السلام). كما يذهب تيم لاهاي الزعيم الإنجيلي الأكثر شهرة على مدى ال25 سنة الأخيرة : (ان العراق يشكل نقطة محورية خلال أحداث نهاية العالم). بحيث إن العراق سيلعب دورا أساسيا في معركة هرمجدون المصيرية في المستقبل.
أما تشارلز ستانلي القس بالكنيسة المعمدانية الأولى بأتلانتا حيث قال في احدي عظات الاحد التي يشاهدها الملايين عبر شاشات التلفاز ( يتعين علينا ان نقدم المساعدة فيشن هذه الحرب باي شكل من الأشكال ) كما أضاف ستانلي ( إن الله يقاتل ضد الذين يعارضونه ويقاتلون ضده وضد أتباعه) ليكون بذلك قد أضفى الشرعية الدينية الكاملة على الحرب . وبالتالي فان الحرب الأمريكية التي قادها بوش على العراق واجب وهدف ديني لابد من تحقيقه.
تعد الحرب على العراق تحقيق لهدف مهم يتجلى بتطبيق النصوص التوراتية ونبوات العهد القديم ، التي توعدت مضطهدي إسرائيل بالدمار والخراب. ويركز الكثير من الساسة والقساوسة الأمريكان على الربط بين العراق الآن وبابل القديمة في ظل حكم الملك نبوخذ نصر في القرن الخامس ق.م والذي يعرف بالسبي البابلي. في رؤية( دانيال إصحاح 4 :4 - 18 )، وهذه المسألة متأصلة في نفوس الساسة والقساوسة الأمريكان ذوي النزعة الانتقامية، حيث يستشهد الكثير من رؤساء الولايات المتحدة والقساوسة في صلواتهم بالقول (إن نسيتك يا أورشليم تنسى يميني ليلتصق لساني بحنكي إن لم افضل أورشليم على أعظم فرحي، اذكر يا رب لأعدائنا يوم أورشليم القائلين هدوا هدوا حتى أساسها، يا بابل المخربة ؟؟ طوبى لمن يجازيك جزائك الذي جازيتنا، طوبى لمن يمسك أطفالك ويهشم على الصخرة رؤوسهم. فالعراق هو وريث بابل والعراقيون هم الذين اضطهدوا اليهود والذي لابد من الانتقام منهم بالإضافة إلى إن العراق يعد قوة شريرة في المنطقة تعادي إسرائيل وان العراقيين يكرهونها .