يبدو من ينظر إلى الواقع السياسي التركي الحالي يرى ازدواج في المعايير لدى السياسيين الأتراك في اختياراتهم بين الإسلام من جاني والعلمانية من جانب أخر.فبعد مرور أكثر من ثمانين عاما على تصدر الأيديولوجية الكمالية الحكم التركي منذ عام 1923 .يبدو أن الواقع الحالي أصبح أكثر تحرك لتغير الإحداث على المسرح السياسي التركي.فبعد كل هذه السنوات انتهت أو كادت أن تنتهي الأيديولوجية الكمالية كنظيراتها في العالم كالماركسية والمأوية وغيرها من الأيديولوجيات التي حكمت العالم لفترة من الزمن. يقول الكاتب التركي المعروف أنيس باتور (لقد انتهت الجمهورية الأولى بمدرستها ومستشفاها وسجنها ومحكمتها وبرلمانها،ويرى أن التجربة الكمالية قد سقطت بمؤسساتها ولابد من البحث عن بديل لها). أن الكمالية محمية بقوة الجيش وإذا قدر للجيش أن يستبعد عن صناعة القرار في تركيا وهو أحد شروط الاتحاد الأوربي للانضمام تركيا للاتحاد فسيكون ذلك بمثابة أطلاق رصاصة الرحمة على الكمالية.أن المعضلة الأساسية التي واجهت الكمالية خلال تلك الفتوهي. محاولتها طمس جزء من الشخصية التركية والمتمثلة بالإسلام ،حتى إن أكثر العلمانيين ي تركيا بدو يعترفون بالواقع الديني ،يقل جنكيز شندار وهوأهم مفكر علماني تركي أن الإسلام في تركيا ليس دينا فقط بل هوشخصية وثقافة ،كما أن مسعود يلماظ الرئيس الأسبق للوزراء يؤكد على أن الدين محدد أساسي في الشخصية القومية التركية .وعلى هذا الأساس فان تركيا اليوم تقف بين ثلاثة تيارات وهي .
التيار الأول :يصر على الاستمرار في تبني العلمانية التي تجعل من تركيا دولة أوربية ويتبنى هذا التيار النخبة التركية وقطاع واسع من التكنوقراط ورجال الأعمال وأصحاب المصالح مع الغرب.
لتيار الثاني: وهو تيار قومي نشط بعد تحرر دول أسيا الوسطى التركية من القبضة الشيوعية وانفتاحا ا
وانفتاح مجال حيوي جديد لتركيا.
التيار الثالث: يتجه نحو العودة إلى الشرق الإسلامي وإعادة الأهلية للتراث الثقافي العثماني والانفتاح أكثر على العالم الإسلامي وهو تيار يتبناه قطاع واسع من سكان الريف والزراعيين والحرفيين وبعض الأكاديميين وطلبة الجامعات.
وفي الواقع أن الاحتمال الأول أصبح يتراجع بعد الرفض الأوربي المتكرر في قبول تركيا دولة ضمن الوحدة الأوربية النقدية والمالية ،فأوربا غير مستعدة بقبول دولة تعتبرها وريثة الدولة العثمانية ،وفي هذا الصدد يقول الكاتب التركي موسى عنتر
عاداتنا وثقافتنا مختلفة وهو – الأوربيون- لا يريدوننا)،إما التيار الثاني فيبدو أن تركيا لاستطيع على تحمل أعبائه أذا أن المؤهلات التركية لا تمنحها القدرة على أداء دور يجعل منها قوة إقليمية كبيرة في هذه المنطقة.
يبقى التيار الذي يدعو إلى العودة إلى الإسلام والقيم الإسلامية والتواصل مع العالم العربي والإسلامي خاصة بعد السيطرة السياسية للأحزاب ذات التوجه الإسلامي كما في الانتخابات الأخيرة (حزب العدالة والتنمية).حيث بداء هذا التيار يتصاعد في ظل الظروف الأخيرة، ويتوقع له انه هو الذي سيحسم المستقبل السياسي لتركيا